المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

تقرير فريق تقصي الحقائق بشأن الوضع الإنساني في البصرة

English | انكليزي

كشف فريق تقصي الحقائق الخاص بمنظمات المجتمع المدني، في تقريره الصادر يوم 17 تشرين الاول 2018 عن انتهاكات خطيرة تعرض لها مواطنين في البصرة على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات. فاستنادا الى بيانات مفوضية حقوق الانسان، فان الفترة بين 1 / 8 لغاية 7 / 9 شهدت اعتقال 425 شخصا على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات وسقوط 20 قتيلا و492 جريحا بينهم 80 منتسبين في القوات الأمنية. وفي العديد من الحوادث التي حقق فيها الفريق، ثبت الاستخدام المتعمد للرصاص الحي ضد المتظاهرين من قبل القوات الأمنية في التظاهرات وكذلك عمليات تعذيب وقتل بسبب التعذيب والضرب المفرط اثناء الاعتقال من قبل القوات الأمنية للمتظاهرين كما حصل في حادثة مقتل المتظاهر حارث السلمي حيث تم ضربه بشكل مفرط من قبل القوات الأمنية مما أدى الى كسر جمجمته ونزف الى الموت في المعتقل. وحوادث خطف وقتل أخرى من قبل جهات مجهولة كما في حالة الشهيد علي عباس الذي وجد مرميا على جرف شط العرب وفيه اثار تعذيب وكسور في يديه. الكثير من الاعتقالات تمت بناء على قوائم أسماء من دون اصدار مذكرات اعتقال قضائية (وفي بعض الحالات تحصل عمليات اعتقال عشوائية لجماعات من المتظاهرين اثناء التظاهرات او بعدها) مع توجيه تهم ملفقة لهم لغرض سجنهم ولا يتم إطلاق سراحهم الا بكفيل وتعهد بعدم التظاهر مجددا.

كما قام الفريق بنشر معلومات تنشر للمرة الأولى عن ازمة التلوث التي أدت الى إصابة أكثر من 100,000 مواطن، وكذلك تعرض الأهالي الذين يسكنون بالقرب من الشركات النفطية الى امراض السرطان والربو والحساسية والتشوهات الخلقية.

أرسل الفريق تقريره الى جهات دولية وحكومية معنية لاتخاذ إجراءات جدية لا سيما بعد ان ثبت تورط بعض المسؤولين في الدولة في انتهاكات خطيرة على المواطنين تصل الى لتعذيب والقتل.

وبينت نتائج تحليل لعينات من مياه الشرب والتي قام الفريق بفحصها عن طريق الخبير الدكتور شكري الحسن (أكاديمي وخبير متخصص في مجال التلوث البيئي) انها غير صالحة للشرب ولا للاستخدام البشري او الحياتي اطلاقا. حيث يصل تركيز الاملاح المعدنية فيها الى أكثر من 20 مرة من المواصفات الموصى بها حسب المعايير العراقية. ووضح الخبير مدى سمية هذه المياه واستحالة شربها لأنها مميتة على الفور عند شربها بطريقة مباشرة. وبين ان سمية هذه المياه ليس بسبب مد الاملاح القادم من الخليج العربي وانما بسبب دفع الملوثات (مخلفات صناعية وبتروكيماوية) عن طريق مبازل سواء قادمة من إيران او من داخل البصرة الى نهر شط العرب فضلا عن ربط قنوات الصرف الصحي اليها. لذلك ينصح الفريق بضرورة عدم استخدامها لأي شكل من اشكال الحياة ويتساءل عن سبب استمرار الحكومة العراقية بضخها كمياه اسالة.

حصل فريق تقصي الحقائق على معلومات مسربة من مصدر لا يمكن الإفصاح عنه حسب قولهم، ان شركات النفط في البصرة تقوم بالتخلص من مواد ملوثة بطريقة غير سليمة. وذلك عن طريق التخلص من نفايات المعامل والشركات والتي تكون عادة محملة بمواد كيماوية، الى شط العرب بشكل مباشر او عن طريق قنوات الصرف الصحي. وعند زيارة وفد من المفوضية العليا لحقوق الانسان الى شط العرب (الجانب المحاذي لإيران) لاحظ تجاوزات من الدول المتشاطئة في التخلص من نفايات نفطية وكيميائية تلقيها المعامل الإيرانية للبتروكيماويات وشركات النفط ويتم دفعها الى شط العرب. كما تؤكد المعلومات أيضا ان عملية استخراج النفط في البصرة ينتج في بعض مراحلها انبعاث غازات ملوثة في الهواء تؤدي الى الإصابة بمرض السرطان والربو والحساسية وتشوهات خلقية لسكان المناطق المجاورة لهذه الشركات، ففي عام 2015 ذكر مسؤول حكومي في البصرة ان المحافظة تسجل شهريا 50 إصابة بمرض السرطان بفعل الهواء الملوث المصاحب لاستخراج النفط. وفي 2018 لجنة الصحة والبيئة في المحافظة كشفت أيضا عن تسجيل 4 إصابات بمرض السرطان يوميا نتيجة تلوث الهواء.

بإختصار، التلوث الذي يتعرض له نهر شط العرب شديد وليس بفعل المد الملحي فحسب، وانما بوجود مواد كيميائية سامة ناتجة عن رمي المخلفات الصناعية ومياه المجاري في النهر. ومخلفات الشركات النفطية الملوثة. وكذلك بسبب القاء ما نسبته 30% من مياه مجاري البصرة في شط العرب. كما بينت نتائج فحص نسب الكلور في 60 مركزا من أصل 170 من مجمعات الماء في البصرة حيث بلغت صفر% PPM.

كما تشكلت لجنة قانونية لرفع شكوى قانونية ضد الانتهاكات التي حصلت من قبل مسؤولين امنيين ضد المواطنين البصريين اثناء المظاهرات من تعذيب وقتل واعتقال بدون مذكرة او أسباب منطقية.

ووضح الفريق أيضا ان هناك تعتيم اعلامي متعمد من قبل وسائل الاعلام العراقية على ما جرى من انتهاكات،  ويرجح السبب الى ان الأحزاب السياسية تمارس سياسة الضغط والقمع ضد وسائل الاعلام لكي لا يكون هنالك تغطية لكل ما يحصل في البصرة. وفي نفس الوقت تتعرض وسائل الاعلام التي تقوم بنشر اخبار الانتهاكات للتهديدات ويتم  وصفها ب “المخربة” و “محرضة على التظاهرات” فقط لأنها قامت بتغطية الازمة الحاصلة في البصرة. ويتعرض الصحفيين الى تهديدات من قبل جهات حكومية بألقاء القبض عليهم إذا قاموا بتغطية التظاهرات في البصرة مرة ثانية، وقد تعرض بعض مراسلي القنوات الى الضرب والاحتجاز والاعتقال بسبب دورهم في بتغطية التظاهرات الأخيرة في البصرة. حيث يؤكد التقرير وجود تضيق على التغطية الصحفية للاحتجاجات وقيام القوات الأمنية باحتجاز عدد من الصحفيين خلال أيام التظاهرات الأولى امام مبنى ديوان المحافظة كما تعرض بعضهم للضرب وكسر معدات تصويرهم فضلا عن تهديد اثنين من المراسلين بالاعتقال حال استمرارهم بتغطية الاحتجاجات. كما شن الاعلام المضاد التابع لعدد من الجهات السياسية حملة تحريض وتشويه طالت عدد من الناشطين المدنيين في البصرة واتهموهم بحرق مقار الأحزاب والقنصلية الإيرانية على الرغم من انهم لم يكن لهم تأثير يذكر في التظاهرات.

 

أسباب اندلاع التظاهرات في البصرة وتصاعدها

  • تراكم الازمات في المحافظة يقابلها عدم التفات من قبل الحكومة لها او محاولة معالجتها. كذلك حصر الوظائف والمشاريع الخدمية بيد أحزاب فاسدة. والنتيجة توقف هذه المشاريع وقلة الوظائف للمواطنين البصريين الا من كانت له صلة بالأحزاب النافذة او يدفع رشاوي تصل الى 3 الاف دولار. كما تم اغلاق اغلب المعامل الوطنية كمعامل (الأسمدة في الزبير وابي الخصيب، معمل انتاج الثرمستون، التبروكيماويات، والالبان فضلا عن ورش الحدادة والنجارة) وفي المقابل انشاء معامل أهلية تدار من قبل أحزاب كما حصل مع معمل الحديد والصلب، والذي اغلق لأسباب مجهولة وتم تسريح العاملين فيه، وبعد فترة فتح في الأرض المقابلة له معمل اهلي للحديد والصلب اتضح فيما بعد انه مدار من قبل أحد الأحزاب التي تمتلك فصيلا مسلحا.
  • هنالك خروقات واضحة وخطيرة لشركات النفط في البصرة. حيث ان البصرة من أكثر المحافظات إصابة بمرض السرطان لا سيما في المناطق القريبة من مصادر التلوث (شركات استخراج النفط والغاز). وترفض المؤسسات الصحية الإفصاح عن الرقم الحقيقي غير ان خبراء ومختصين اوضحوا ان بعض مراحل استخراج النفط لا سيما احراق الغاز المصاحب وطمر النفايات، قد يصاحبها انبعاث غازات مسرطنة مثل H2S كما اكد مواطنون ان الإصابة بالتشوهات الخلقية وامراض السرطان وغيرها من الامراض قد ازدادت بنسبة 30% بعد عام 2003 ، وهذه المعلومات اكدها أعضاء في مجلس المحافظة.
  • بعض الشركات النفطية متهمة بالتجاوز على الحصة المائية لمحافظة البصرة لحقن ابار النفط، وهو ما تسبب بانخفاض منسوب المياه في شط العرب. مع بيع قسري للأراضي الزراعية التابعة لفلاحين أرغموا على بيعها بموجب العقود الموقعة بين وزارة النفط والشركات النفطية مقابل تعويضات قليلة. وبسبب زيادة تركيز الاملاح القادمة من الخليج وتلوث شط العرب بفعل الملوثات ومياه المجاري هلكت مساحات شاسعة من المزروعات مما أدى الى نفق الحيوانات والاسماك وهجرة بعض الأسماك والطيور النادرة الى الشمال.
  • الخدمات الصحية في مدن عدد سكانها بين 150 الى 300 ألف نسمة، شبه معدومة وتقتصر على مستشفى واحد رغم ارتفاع مخاطر التعرض للمياه الملوثة والغازات المسرطنة.

 

أدناه ملخص لاهم التوصيات التي وردت في تقرير الوضع الإنساني في البصرة

1 – يوصي الفريق الحكومة بالتالي:

  • عدم الاستخفاف بتداعيات البصرة والتصاعد في المظاهرات التي حصلت، او محاولة تعتيم او نكران النتائج السلبية عن الجمهور.
  • دعم مطالب اهل البصرة فيما يخص فتح تحقيق بشأن الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأمنية بحق المتظاهرين السلميين، لا سيما تلك الانتهاكات التي تمت بأوامر من قائد عمليات البصرة اثناء اندلاع الاحتجاجات “جميل الشمري”.
  • حصر الجهات المراقبة والمحاسبة والاعتقال بيد جهة امنية واحدة.
  • على مجلس القضاء الأعلى ، الاستجابة للانتهاكات التي حدثت بحق العديد من المتظاهرين في البصرة، عبر قيام جهات امنية باعتقالهم دون مذكرات قضائية او تهم واضحة موجهة لهم والايعاز لأعضاء السلطة القضائية بالأفراج عنهم فورا.
  • على وزارة النفط العراقية ، ان توضح مدى التزام الشركات النفطية بقانون تحسين وحماية البيئة رقم 23 الصادر سنة 2009، فيما يتعلق بمؤشرات التلوث في الهواء والتربة والمياه. وضرورية طرح أي معلوما تملكها المؤسسات المعنية بهذا الصدد بشكل شفاف. وان تكون المعلومات هذه متاحة للاطلاع من قبل الجميع مع اتاحة وسائل التواصل مع المواطنين لطرح شكواهم بهذا المجال.
  • ضرورة توضيح من هي الجهة المسؤولة عن الاستقبال والاستجابة للشكاوى المتعلقة بخروقات الشركات النفطية للمواطنين البصريين. حيث ان هنالك العديد من الشكاوى التي تم تقديمها الى الجهات المسؤولة، لم يتم اتخاذ أي اجراء بخصوصها وضاعت فيها حقوق المواطنين لعدم معرفة من هي الجهة الحقيقية المسؤولة عن اخذ هذه الشكاوي والاستجابة لها.
  • على رئيس الوزراء المكلف توجيه أجهزة وزارة الداخلية المختصه بملاحقة أصحاب الصفحات الصفراء التي تقوم بنشر اخبار كاذبة ومزيفة حيث ساهمت في التحريض على قتل عدد من الناشطين. وتوفير الحماية للشباب الذين طالتهم التهديدات وتشويه السمع.
  • على الحكومة ان تراعي اطلاقها مفردات معينة بخصوص تظاهرات البصرة او أي تظاهرات قادمة، مثل “المندسين، البعثيين، الإرهابيين، العملاء…الخ” في وصف بعض او جميع المحتجين. فوجود 50 مندس في تظاهرة يشارك فيها عشرات الالاف لا يعني ان مطالبهم أصبحت غير مشروعة. كما وضح المواطنين الذين التقى بهم الفريق في البصرة ان استجابة الحكومة للازمة التي تفاقمت كان التخوين والتهجم على المتظاهرين، وليس ارسال عشرات الوفود الوزارية واللجان الهندسية لحل الازمة.

2 – توصية الفريق لممثل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية العاملة في العراق بالتالي:

  • إجراء تحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأمنية في ظل الاعمال الاحتجاجية. والضغط على الحكومة للتدخل وإيقاف عمليات القتل والتصفية التي ترتكبها جماعات مسلحة غير معروفة.
  • تشكيل لجان متخصصة تبعث الى البصرة وتكون مهمتها الرصد والتحقيق في مسألة تفاقم التلوث في البصرة واصابة بعض المواطنين بأمراض السرطان والربو والحساسية وغيرها نتيجة تعرضهم للملوثات. حيث ان حالات التلوث التي يتعرض لها المواطنين خطيرة جدا وضرورة فتح تحقيق بخصوص هذا الشأن. حيث ان هنالك حالات تلوث لمواطنين ساكنين في مناطق قريبة من الشركات النفطية او على امتداد السان الملحي لشط العرب، تصل الى الموت ولكن تهمل او يتم التعتيم عليها من قبل الحكومة.
  • مساعدة المجتمع المدني في العراق في تشكيل وارسال فرق متخصصة أخرى للقيام بفحوصات أكثر.

3 – توصية السفارات والقنصليات، وخصوصا السفارة الامريكية في بغداد والقنصلية الإيرانية في البصرة، باتخاذ جانب حيادي في مثل هكذا أزمات. حيث يرى اهل البصرة ان معركتهم الحقيقية هي مع الحكومة والأحزاب ولا يرحبون بأي تدخل خارجي في شؤونهم الداخلية.

تم التقرير الاصلي بواسطة مجموعة من النشطاء المدنيين منتمين الى منظمات المجتمع المدني، وهم :

1- وسام جعفر – المدير التنفيذي لمنظمة تواصل لتمكين الشباب.
2 – مصطفى ناصر – رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة.
3 – أحمد حسن – مدير مركز الأمارجي لتطوير وسائل الإعلام.
4- رؤوف محمد نوري – عضو فريق الدعم القانوني ومنظمة تواصل لتمكين الشباب.
5- غيث سعدون محسن – منظمة تواصل لتمكين الشباب.
6 – حذيفة باهر عبد الجبار – رئيس فريق الملجأ للمساعدات الإنسانية.

يمكنكم أيضًا التحقق من البيان الموجز الذي صدر من فريق تقصي الحقائق بشأن تقرير البصرة الذي أعدوه ، من خلال النقر هنا بيان فريق تقصي الحقائق ـ البصرة

كما يمكنكم النظر في تحليل أكثر تفصيلا لمياه البصرة لبيان مستوى التلوث في المياه من هنا تفاصيل دقيقة عن تسمم مياه شرب البصرة

لمعلومات اكثر ، يمكنكم التواصل مع وسام جعفر عبر التالي :
البريد الالكتروني : Wiesaam1983@yahoo.com

هاتف: 9647707906400+

او مصطفى ناصر ، عبر :

البريد الالكتروني : mustafa.nasser81@gmail.com

هاتف : 9647704435171+