نحن امام حرب
كتب الاستاذ مشرق عباس
نحن امام حرب ..
اميركا لاتعير العراق ولا شعبه اي اهتمام ، هذه حقيقة ، وهي تماما كايران تنوي تحويل البلد الى ساحة حرب وتصفية حسابات اقليمية ودولية ، وهذه الرغبة ايرانية ايضاً.
والسبب ان واشنطن وطهران يتفقان ضمناً انهما لن يذهبا الى حرب معلنة لانها (الحرب) ستغلق مضيق هرمز وحركة النفط والتجارة العالمية كاقرب الاحتمالات ومن ثم تقود الى ازمة اقتصادية كبرى، لن تقبل الصين بذلك ولا روسيا ولا اوربا.
في العراق التكلفة اقل .. فهذا البلد في الاساس لم يؤسس فيه العالم حركة تجارة عميقة ولا استثمارات كبيرة، ونفطه بالامكان السيطرة على تدفقه ، او تعويضه في حال توقفه كاسوأ خيار ، كما ان العالم اعتاد النظر الى العراق كمنطقة خطرة وصالحة لاجترار النزاعات والازمات المريحة للجميع.
عندما كنا نحذر من (مسار) خاطيء وخطر تقود مجموعة اطراف سياسية وقيادات فصائل مسلحة تفتقر الى الرؤية العراق اليه ، كان بعض ابناء جلدتنا يوجهون الينا الاتهام بدلاً من تدارس الرأي وتغليب الحكمة لمصلحة الامن الهش الذي تكوّن بعد “داعش” .
وقلنا ان الشعب الذي خرج بيأس الى الساحات ، لم يكن يطلب وظائف كما فسر وعاظ السلاطين الجدد ، بل انه مجتمع يشعر في وعيه الجمعي بالخطر بالذعر كما تشعر الطيور بالكوارث .. شعب عايش الحروب والحصار واهدر الدم والمال والفرص ، وهو مرعوب من الطريقة التي يقاد بها البلد ، وتحكٌم مجموعة شخصيات تفتقر الى العمق والرؤية في خياراته.
مفهوم الحزن والغضب، ولكن من يحرض في هذه اللحظة على الانتقامات والمزيد من الافعال غير المدروسة، فانه يكسر آخر صواري السفينة ويدفع بها الى بحر لن تنجو بمن فيها منه.
الان .. ليس وقتاً لتصفية الحسابات مع احد، الان وقت التوقف والتفكير الوطني الصادق بكل الاخطاء التي ارتكبت وقادت الى مانحن به اليوم .. وما نحن به : اننا مجرد ساحة حرب ليس لنا فيها ناقة ولا جمل ولا مصلحة بين دول لاتعيرنا اهتماماً.
اذا كان ثمة بقايا وطنية في عقول من يتحملون مسؤولية الامر والقرار ، فيجب ان يتم سريعاً اختيار حكومة وطنية هادئة كفوءة ومتمكنة وتخويلها كل المسؤوليات والصلاحيات للقيام بالتالي :
1: اعادة الدولة وهيبتها وحكمها على الجميع ومنع المزيد من اهانتها وتكسير اجنحتها وجعلها بلا حول او قوة امام من هب ودب.
2: اعادة الجيش والشرطة لتصدر المشهد الامني وفي العلاقة مع الشارع، واصدار تعليمات واضحة الى كل فصائل الحشد الالتزام بقرار الدولة والدولة فقط لاغير ، ومنع اي فصيل او حزب يمتلك اذرعاً خارج الدولة من العمل او التحرك داخل العراق.
3: الحديث بصوت الدولة الهاديء والموثوق فيه والقوي مع واشنطن ومع طهران لتهدئة الصراع بينهما ، ومنع تحول العراق الى ساحة لاشتباكهما.
4: الالتزام بخريطة طريق الشعب العراقي وساحات التحرير بامانة لاعادة الاوضاع الطبيعية وتوفير البيئة الآمنة لانتخابات مبكرة.
5: لجم الصراعات السياسية التي دفع الجميع ثمنها ، وان يتنازل البرلمان عن جزء من صلاحياته الى حكومة موثوق في نزاهتها لترتيب الاوضاع والبدء بخطوات جدية لتعديل المسارات واعادة العراق الى مسار الحياد في الصراعات الاقليمية والدولية.