بيان: بعد اغتيال الدكتور الهاشمي، لن نسمح باغتيال الحقيقة!
الحكومة مطالبة بالإسراع في الكشف عن الجناة، وإنهاء فوضى السلاح، وحماية الحريات المدنية
بعظيم الحزن والأسى ننعى أنفسنا والعراقيين والعالم بفقدان احد رواد الكلمة الحرة والموقف النبيل والإخلاص في العمل للسلام والحرية وسيادة القانون. فقدنا بالأمس فارساً شجاعاً من فرسان الرأي، الشهيد الدكتور هشام الهاشمي الذي اسكتت رصاصات الغدر صوته الشجاع وأفقدت العراق أحد خيرة باحثيه.
لقد تلقى المجتمع المدني العراقي والدولي، ونشطاء السلام والمدافعين عن حقوق الانسان هذا الخبر بصدمة وألم وحزن، حيث كان الهاشمي احد اهم الداعين للاعتدال، ومن ابرز الساعين من اجل السلام في المنطقة، ولعب دوراً ريادياً في تفكيك وتحليل استراتيجيات الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، كما ساهم في دعم القوات الأمنية العراقية للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي عبر كشف اسرار التنظيم وتقديم الدراسات العلمية التي ساعدت في فهم آلية عمله، منها كتاب: (عالم داعش) و (تنظيم داعش من الداخل)، كما كان له مئات المقالات والبحوث والمحاضرات الاكاديمية داخل العراق وخارجه لتفسير نمو ونشاط الخلايا الجهادية والمجاميع المسلحة غير القانونية بمختلف مسمياتها.
اثبت اغتيال الشهيد الهاشمي ان فرصة الحكومة في فرض سلطة القانون وتطبيق النظام أصبحت شبه منعدمة مالم يتم الوقوف بحزم وقوة امام انفلات السلاح وفوضى المجاميع الإجرامية المسلحة والميليشيات العابثة. فبعد تكرار عمليات الاستهداف المنهجي للنشطاء والصحفيين والكتاب، وسقوط العديد منهم ضحايا لآرائهم ومواقفهم، فإن خيار الديموقراطية أصبح على المحك، وباتت حرية التعبير مرهونة بموافقة الخارجين عن القانون!. لحماية الديموقراطية والحقوق المدنية التي كفلها الدستور، على الحكومة العراقية ان تأخذ خطوات حاسمة لأنهاء فوضى الانتشار العبثي للسلاح. ولعل الحديث عن خرق السيادة لا ينفصل عن هذا المشهد، حيث ان نفوذ وسطوة العصابات المسلحة يمثل خرقاً فادحاً لسيادة العراق.
تابعنا بحرص ردود الأفعال الرسمية العراقية، واثار اهتمامنا التصريحات التي قدمت الرئاسات الثلاث من خلالها التعازي للشعب العراقي وعائلة الفقيد. فيما نذكر ان رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس النواب هي المراكز العليا لصنع القرار، وأن حساسية الموقف وتكرار الأساليب القمعية لتكميم الأفواه وصولاً لاغتيال الشهيد الهاشمي يمثل مشهداً حاسماً لا يُحتمل معه الاكتفاء بتقديم التعازي ومظاهر الحداد، إذ يطمح الرأي العام لرؤية خطوات جدية لإنهاء ملف السلاح خارج اطار الدولة، والكشف عن الجناة ومحاسبتهم بالقانون، وإيقاف الخروقات الأمنية المتكررة، وحماية الحقوق والحريات ضمن اطار الدستور، وهذا ما يقع على عاتق السلطتين التنفيذية والقضائية، وبدعم من رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان. منذ بداية احتجاجات تشرين الماضي والى الان، قتل اكثر من 800 محتج سلمي داخل ساحات الاعتصام، عدا عمليات الاغتيال لعدد من الشخصيات المدنية او الصحفية الاخرى، ومنذ البداية والحكومة ومراكز صنع القرار تعد الشعب العراقي بعمل تحقيقات وكشف الجناة ومحاسبتهم. ولكن حتى الان لم يتم الكشف عن اسم او جهة متورطة بعمليات القتل والاغتيال. وتكرر مشهد تقييد التحقيقات في حوادث عدة في السابق كذلك، فهل سنشهد مساعي حكومية أكبر واكثر جدية في كشف ومحاسبة الجناة، ام سنكتفي بالتعازي؟.
لقد أثار الحادث المروع موجة إحباط وغضب شعبي ساد مواقع التواصل الاجتماعي لما كان الدكتور الهاشمي يمثله من صوت للاعتدال والمدنية وسيادة القانون، ولعجز الحكومة عن حماية أحد اهم مصادر معلوماتها الأمنية والاستراتيجية، ولذا فعلى الحكومة الإسراع في تلافي عواقب هذا الغضب والإحباط عبر إظهار مواقف جدية في التعامل مع هذا الملف، لإعادة الثقة مع الجمهور.
ان المجتمع الدولي لا يمكن ان يعفي نفسه من المسؤولية إزاء ما حدث، فعلى بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (اليونامي) وبعثة الاتحاد الاوربي، حث الحكومة العراقية على تطبيق القانون واعتقال الجناة وتقديمهم لمحاكمة عادلة ووضع حد للإفلات من العقاب. ويؤكد المجتمع المدني العراقي والمتضامنين الدوليين عبر العالم موقفهم الداعم لأي اجراء حكومي من شأنه وضع حد لفوضى السلاح والمجاميع العسكرية المنفلتة، وحماية المعايير الأساسية لحقوق الإنسان ومحاسبة المجرمين المتسترين بظلام الليل والأسلحة الكاتمة.
مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي
مسار حرية التعبير
المجتمع المدني العراقي
12 تموز 2020