المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

عنف يتزايد و قانون تحت منصة الجدال

تعددت الاراء ما بين مؤيد ومعارض لتشريع قانون الحماية من العنف الاسري في العراق، مع تزايد مستمر في حالات تعنيف النساء والأطفال. وصلت الينا الكثير من حالات العنف الاسري عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولكن ما خفي كان اعظم.

فما هو قانون العنف الاسري؟ وما الذي يوفره للمواطنين؟ و يا ترى هل سيحدث تشريعه فرقاً ايجابياً في تقليل حالات العنف؟ و لماذا ينقسم الناس نحوه الى قسمين؟

تم توضيح مصطلح العنف الاسري من قبل المختصين  بانه كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد باي منهما، يرتكب داخل الاسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي.دون التفريق على اساس الجنس او العمر او العرق و توليد الاهانة في نفس الشريك, ووضعه تحت التهديد، الضرر العاطفي او الاكراه الجنسي.

من الامور المهمة الواجب معرفتها هي ان القانون العراقي يحتوي على بعض المواد القانونية التي يمكن ان تستخدم للحماية من العنف الاسري لكنها كتبت بنصوص غير واضحة او بطريقة لن يكون لها تأثير كبير على ارض الواقع. كما ان القانون الحالي عمومي جدا والقانون الخاص سيقيد القانون العام. يعتبر قانون العنف الاسري الجديد تكييفاً واعادة صياغة لما وجد من قوانين سابقة، اضافة الى احتوائه على بعض الفقرات الجديدة و من ضمنها دور الايواء لحماية المعنفين او المعنفات و احقية التبليغ بالعنف الذي ارتكب ضد ضحية ما، من الشاهدين على ارتكاب العنف او المقربين من الشخص المعنف سواءا الجيران او الاقارب او الطبيب او المعلم او منظمة غير حكومية مختصة.

من الامثلة على اهمية القانون هي احقية التبليغ، قبل تشريع هذا القانون كانت لا توجد صلاحية لاي شخص بالتبليغ عن العنف الا الشخص المعنف نفسه و تعتبر ابلاغات الاشخاص الاخرين لاغية و لا يحق للسلطات التدخل الا في حالة موت الضحية!، اما تشريع القانون سيعطي صلاحية التبليغ  للمقربين من المعنف او الشهود على حالات العنف وسيتم التصرف تجاه الدعوة بشكل جدي.

حيث شن الكثير من المعارضين حملاتهم ضد القانون بحجة انه يخالف الشريعة الإسلامية بالدرجة الاولى و كونه قانونا فضفاضا يسمح للسلطات بالتدخل في النزاعات العائلية بشكل كبير. كما اعتبروا ان القانون سيسحب منهم احقية التربية الصحيحة لاولادهم، لانهم يعتبرون ان الضرب و الترهيب هو احد وسائل التربية الصحيحة والمطلوبة. كما و قد اشاروا الى ان القانون سيكون سببا في الانحلال المجتمعي و سيسحب منهم السيطرة على اسرهم و الحفاظ على الاعراف المجتمعية، وقد ابتدع الكثير منهم قصصا لتحرض الناس على رفض القانون و استعانوا بالحديث الديني غير الصحيح لاجل الوصول الى هدفهم.

لم يتقبل معضم افراد الشعب العراقي فكرة تبليغ الطفل عن ابويه في حالة تعنيفه و صنفوها في خانة العقوق بالوالدين، حيث امر الدين باحترام الوالدين و طاعتهما و عملية الابلاغ عنهما في هذه الحالة ستكون عقوقا للوالدين، في حين ان القانون العراقي يضمن هذا الحق للاولاد في مناسبات اخرى (مثل حق الحجر على السفيه).

وقد اثيرت بعض الحملات المظللة ضد القانون اتهم البعض فيها ان القانون سيعطي النساء حرية اكبر وسيؤدي الى الانحلال المجتمعي. لكن بالحقيقة القانون لا يدعم الانحلال المجتمعي و  القانون لم يزل جرائم الشرف التي تعتبر من اكثر الجرائم انتشارا، في حين ان حملاتهم لم تقم الا بتوجيه اتهامات مخجلة للنساء باعتبارهم يودون الانحلال. فعندما لم يكن هنالك أي قانون يجرم ذلك للمرأة لم تقم باي فعل منحل فمالذي سيجعلها تقوم بهكذا افعال الان و بوجود قانون يحميها لا يجرمها؟

اما مراكز الحماية  والايواء للمعنفين والمعنفات فقد كانت سبب اخر اثار غضب الفئة المعترضة على القانون، حيث شهدت رفضا كبيرا من قبل بعض المتدينين و العشائريين. حيث ان فكرة مبيت المرأة او الطفل خارج المنزل وفي مكان غريب لم تستهويهم و اتهموا الفكرة بانها مسببة للانحلال و انها ضد الاعراف والتقاليد المجتمعية، حيث ما تزال فكرة مراكز الايواء الامنة هي السبب الاكبر لتأجيل و رفض القانون في كل مرة بسبب الاعتراض الشديد لها. في حين عند الدراسة و الاطلاع على الامر سيجدون اثارها الإيجابية.

نحن كمجموعة هي ثورة قمنا بالتدرب ودراسة مراكز الايواء ومن وجهة نظرنا، فاننا نعتقد ان الدور الامنة يجب ان تكون تحت سقف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية و بحماية خاصة من الدولة بمساعدة المنظمات المعنية بالامر.

الكثير من الافكار اثارت مخاوف جزء من المجتمع و ادت الى بدئهم بحملات واسعة جدا على مواقع التواصل الاجتماعي لرفض القانون و ميز البعض منها بأتهامات بالية و مخجلة للنساء وذلك لعدم الفهم الصحيح للقانون و ايضا بسبب الاعراف والتقاليد المجتمعية المتجذرة منذ زمن بعيد.

اما في حالة اقرار هذا القانون و البدء بتنفيذه، لا تزال هنالك مخاوف عديدة تجاه هذا الموضوع و منها ان القانون قد لا يتم الاستعانة به و تطبيقه بالشكل الصحيح لقلة وعي الناس بهذا القانون.

و يعد ايضا من ابرز المخاوف تجريد القانون من محتواه، حيث ان للبرلمان حق التغيير على القانون ببعض الفقرات قبل الموافقة عليه و اذا تم حذف المواد الجديدة المضافة سيفرغ القانون من محتواه الاصلي وهذا من الامور الواجب العمل عليها عند تشريع القانون، حيث يجب علينا قرائته بدقة شديدة و ملاحظة المشاكل التي تحتويها.

و في حالة عدم تفريغ القانون من محتواه يتوجب على المجتمع المدني التفكير بطريقة جديدة مغايرة للمواكبة و التوعية التدريب على القانون حيث يجب تدريب كل من الكوادر المعنية و توعية المواطنين بوجود قانون يحميهم من العنف الاسري.

ان للمجتمع الحق بالمراقبة و الاعتراض على القوانين و الامور ولكن المزعج في هذه المرة انهم قاموا بالاعتراض دون الاطلاع على القانون نفسه و قرائته، بل اكتفوا فقط بما سمعوه من اقاويل غيرهم. ينبغي لافراد المجتمع الاستماع لجميع الاطراف و دراسة الموضوع جديا لبناء افكارهم الخاصة بدل الاعتماد على اقاويل الاخرين.

مجموعة هي ثورة

بغداد

18-8-2020