العراق: التقرير الدوري السابع عشر عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق
مقدمة
إن هذا هو التقرير السابع عشر لمركز الخليج لحقوق الإنسان الذي يغطي واقع انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، ويسلط الضوء على عمليات الاغتيال والتفجيرات وملاحقة النشطاء والتضييق على وسائل الإعلام، والاعتداءات التي تطال المتظاهرين البارزين وغيرهم من المواطنين المسالمين، والاستهداف المستمر للعاملين في المجتمع المدني والمحتجين المشاركين بفعالية في الحراك الشعبي الحالي، كما يسلط الضوء على آخر أخبار الاحتجاجات وحملات المناصرة لإنهاء عمليات الإفلات من العقاب. بينما تم القبض على الجناة في عدة حالات ، إلا أن العديد من الحالات الأخرى لنشطاء المجتمع المدني الذين تعرضوا لإطلاق النار أو مهاجمتهم في منازلهم لا تزال دون حل.
إلقاء القبض على عددٍ من الجناة
بتاريخ 27 يوليو/تموز 2021، أعلنت خلية الإعلام الأمني الرسمية في وزارة الداخلية، القبض على قاتل المواطن الشاب علي كريم نجل المدافعة البارزة عن حقوق الإنسان فاطمة البهادلي، والذي قتل في محافظة البصرة بعدما خرج من منزله بتاريخ 23 يوليو/تموز 2021.
بتاريخ 24 يوليو/تموز 2021، أعلنت مديرية شرطة محافظة ميسان، إلقاء القبض على إثنين من المشتركين بجريمة قتل الشاعر الشعبي جاسب حطاب الهليجي، والد محامي حقوق الإنسان علي جاسب الهليجي، وذلك بعد أشهر من القبض على المتهم الأول بقتله.
بتاريخ 16 يوليو/تموز 2021 أعلنت الحكومة العراقية القبض على قاتل الصحفي والخبير الأمني المعروف الدكتور هشام الهاشمي الذي اغتيل في 06 يوليو/تموز 2020 أمام منزله في بغداد، وعلق رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي على عملية القبض قائلاً، “وعدنا بالقبض على قتلة هشام الهاشمي وأوفينا الوعد “.
بتاريخ 16 يوليو/تموز2021، قبضت شرطة محافظة البصرة، في أقصى جنوبي العراق، على المتهم بارتكابه جريمة قتل المحامي حيدر وادي الموسوي بتاريخ 10 يوليو/تموز 2021، واعترف بارتكابه الجريمة بالاشتراك مع متهمين هاربين هما والده وشقيقه.
استهداف المواطنين وبضمنهم الناشطين بالعبوات الناسفة والرصاص الحي
لم يعد المواطنون آمنون حتى في منازلهم، ففي العام الأخير ارتفعت نسبة الاعتداءات عليهم وتشريدهم من منازلهم التي تستهدف بعبوات ناسفة أو صوتية تارة، وبرشقات من الرصاص تارةً اخرى، ولم تتمكن السلطات العراقية حتى الآن من القبض على أي من مفجري العبوات الناسفة على منازل النشطاء.
بتاريخ 08 أغسطس/آب 2021، وفي ساعات الفجر الأولى، نجا ناشط المجتمع المدني البارز وأحد قادة الاحتجاجات في محافظة واسط قاسم بهلول التميمي من محاولة اغتيال على يد مسلحين مجهولين فتحوا النيران عليه وسط مدينة الكوت ولاذوا بالفرار. لقد أصيب برصاصتين في جسده، وتم نقله الى المستشفى لتلقي العلاج، وحالته مستقرة.
بتاريخ 26 يوليو/تموز 2021، فجر مجهولون، عبوة ناسفة أمام منزل ناشط المجتمع المدني إبراهيم كاصد الواقع في حي الشهداء بمدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار في جنوب البلاد، مما أدى إلى أضرارٍ مادية فقط. قال نشطاء مقربون من كاصد لمركز الخليج لحقوق الإنسان إن، “عملية الاستهداف جاءت بسبب استمراره في الاحتجاج والتحشيد للخروج ضد الفساد والمفسدين من المسؤولين.”
بتاريخ 20 يوليو/تموز 2021 انفجرت عبوة ناسفة، أمام منزل ناشط المجتمع المدني البارز سلام العصمي ، حيث خلفت أضراراً مادية فقط في منزله وسيارته.
وبتاريخ 17 يوليو/تموز 2021 وفي ساعة متأخرة من الليل، نجا ناشط المجتمع المدني أبو إلياس السعدون من محاولة اغتيال على طريق المرور السريع وسط مدينة الناصرية، عندما هاجمته مجموعة من الأشخاص، يحملون أسلحة بيضاء وحاولوا قتله. حسب المعلومات التي استلمها مركز الخليج لحقوق الإنسان فأن، “السعدون أصيب بطعنات في أماكن متفرقة من جسده، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة، وحالته الصحية مستقرة،”.
إطلاق نار مميت على رياضي شاب
بتاريخ 27 يوليو/تموز 2021، أطلق أحد منتسبي شرطة محافظة ديالى النار على العداء الرياضي مصطفى ستار جبار الملقب (الأسباني) بينما كان يستقل دراجة نارية بعد عدم توقفه عند نقطة تفتيش بمدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، مما أدى إلى مقتله. جبار، الطالب في السنة الأخيرة للدراسة الثانوية، الذي هو عضو نادي ديالى الرياضي، وعداء بالعاب القوى ويستخدم دراجته النارية في ألعابٍ تبين تحكمه بها، يسكن في ناحية بهرز، محافظة ديالى. سبق له أن حصل على المركز الثالث على مستوى العراق برياضة الجري، ومثل بلده والمحافظة بهذه الرياضة. أعلن مدير شرطة محافظة ديالى بعد الحادث عن توقيف الشرطي، بالإضافة إلى ضابط الدورية، وتشكيل لجنة تحقيقية في الحادث.
التعذيب وسوء المعاملة في السجون العراقية
شهدت السجون العراقية مؤخراً، حالتين من حالات التعذيب التي أحدثت موجات من الصدمة في أنحاء البلاد، وأثارت قلقا كبيرا لدى المواطنين بعد وفاة أحد السجناء جراء التعذيب.
بتاريخ 15 أغسطس/آب 2021، تم إطلاق سراح ناشط المجتمع المدني إبراهيم الوائلي، بعد أن نشرت له في الأيام الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورة مهينة، سربتها القوات الأمنية، وهو مكبل اليدين ويفترش الأرض، حافي القدمين، بعد اعتقاله فجر يوم 11 أغسطس/آب 2021. لقد استنكر المواطنون نشر هذه الصورة التي تبين تعرضه لسوء المعاملة، وكذلك انطلقت مظاهرات في مدينة الناصرية أعلنت تضامنها معه ومطالبتها بإطلاق سراحه.
بتاريخ 27 يوليو/تموز 2021، وفي قضية خطأ بتحديد الهوية، تُوفي المواطن البريء هشام محمد الخزعلي، بسبب التعذيب الذي تعرض له في السجن خلال الأربع وعشرين ساعة التي أعقبت اعتقاله، الذي جرى بعد مروره بنقطة تفتيش أمنية في مدخل محافظة البصرة الشمالي، بسبب تشابه اسمه مع اسم شخص مطلوب للعدالة.
لقد تم تعذيبه في مديرية مكافحة الإجرام في محافظة البصرة، وأكدت معلومات موثوقة تعرضه لمختلف أنواع التعذيب بالضرب والتعليق والخنق، وكانت آثار التعذيب واضحة على جسده.
اعتقالات تستهدف ناشطي المجتمع المدني
شكلت الاعتقالات التي طالت نشطاء المجتمع المدني والصحفيين في الفترة الأخيرة، مثار قلق لدى الرأي العام، بسبب مخاوفهم من أن تكون هذه الاعتقالات ضمن حملات ممنهجة تقوم بها حكومة مصطفى الكاظمي للتضييق على حرية التعبير.
في 05 أغسطس/آب2021، تم اعتقال ناشط المجتمع المدني البارز فلاح الزيادي في قضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار بعد الاعتداء عليه من قبل جهة مجهولة. شهدت مدينة الناصرية، حال اعتقاله، تظاهرة طالبت بإطلاق سراحه، حيث قام المتظاهرون بقطع الطريق الرئيس المؤدي إلى ساحة الحبوبي، مهددين باستمرار التظاهرات حتى الافراج عنه. استمرت التظاهرات والاحتجاجات المطالبة بإطلاق سراحه. أكدت مصادر موثوقة أن جلسة لمحاكمته ستعقد يوم 17 أغسطس/آب 2021، في مايرتباووط بمشاركته الفعالة في الاحتجاجات السلمية.
بتاريخ 30 يوليو/تموز2021، اعتقلت القوات الأمنية في قضاء خانقين بمحافظة ديالى شرقي العراق، عددا من المحتجين الذين نظموا تظاهرات خلال الشهرين الماضيين، دون أن تكشف أسباب الاعتقال ولا عدد المعتقلين. ولم تتوفر تفاصيل عن المعتقلين، حيث منعت السلطات بحسب نشطاء من هناك تحدثوا لمركز الخليج لحقوق الإنسان، تواصلهم مع وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية. أكدت تقارير محلية موثوقة لاحقة أنه تم إطلاق سراحهم جميعاً في الأسبوع التالي.
بتاريخ 26 يوليو/تموز2021، اعتقل افراداً من منتسبي مديرية الاستخبارات في محافظة القادسية والتابعة لوزارة الداخلية، تعسفياً ودون أي أمر قضائي، ناشط المجتمع المدني حسام العابدي بسبب طبعه ونشره لبوستر يطالب وزير الداخلية بالكشف عن قتلة المتظاهرين السلميين. تم اعتقال صاحب المطبعة وناشط المجتمع المدني خالد الفتلاوي أيضاً لقيامه بطباعة البوستر. لقد قاموا باقتيادهما من محل سكنهما في قضاء الشامية، إلى مدينة الديوانية، مركز المحافظة حيث يقع مقر المديرية. تم الإفراج عن كلاهما في اليوم التالي بكفالة قدرها خمسة ملايين دينارعراقي (3500 دولار تقريباً).
بتاريخ 31 مايو/أيار 2021، عقدت الهيئة الجزائية الثانية في محكمة التمييز الاتحادية جلسة أصدرت خلالها قراراً بإطلاق سراح محامي حقوق الإنسان حسان محرج الطوفان بعد أن وجدت، “أن المنشورات التي قام بنشرها على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) بشأن قضية توزيع قطع الأراضي للسادة القضاة في رئاسة محكمة استئناف بغداد الاتحادية بعد تغيير جنس الأرض من أرض خضراء إلى ارض سكنية هي في فحواها لا تشكل إساءة أوإهانة للمؤسسة القضائية في المحافظة المذكورة وإنما تمثل رايه.” لقد أطلع مركز الخليج لحقوق الإنسان على نسخة من قرار محكمة التمييز منشورة على الفيسبوك.
استهداف وسائل الإعلام والصحفيين
بتاريخ 27 يوليو/تموز اقتحمت قوة أمنية مقرّ قناة البغدادية في العاصمة بغداد، والقت القبض على صحفيّين اثنين، كما أوقفت بث القناة، وقال مدير التحرير في قناة البغدادية، عمر العنبكي، إن “قوة ترتدي الزيّ العسكري الرسمي اقتحمت مقرّ القناة دون أي توضيح وأوقفت بث القناة.”
وذكرت قناة البغدادية على موقعها الإلكتروني مايلي، “اقتحمت قوة عسكرية مبنى قناة البغدادية وصادرت أجهزتها واعتقلت اثنين من مسؤوليها هما مدير الأخبار طه خليل ومقدم برنامج ستوديو التاسعة علي الذبحاوي وادعت القوة المقتحمة للبغدادية أنها ليس من الاستخبارات وإنها قوة من مكافحة الجريمة وغسيل الأموال.” لقد تم إغلاقها ومنعها من بث برامجها.
في 28 يوليو/تموز2021، أعلنت القناة قيام القوات الامنية بإطلاق سراحهم بعد اعتقال دام اكثر من ٢٤ ساعة.
أكدت مصادر مطلعة قيام أكثر من 250 فرداً من قوات مكافحة الشغب بالإحاطة بالقناة عند اقتحامها، وحجز فريق العمل في احدى غرف القناة والتحقيق معهم بشأن مهامهم الصحفية دون أن تعطي سبباً لكل هذا الاستهداف.
حق المواطن في الحياة والهجمات الإرهابية
نصت المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه، “لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه.” لكن الحكومة العراقية بالرغم من امتلاكها لعدد كبير من الأجهزة الأمنية، وأعداد كبيرة من العاملين في الجيش والشرطة، فشلت في حماية حق المواطن العراقي في الحياة الحرة والآمنة.
لقد عادت العمليات الإرهابية التي تستهدف العراقيين الأبرياء، من جديد لتضرب المدنيين العزل، ففي 17 يوليو/تموز 2021 أودى تفجير وقع في سوق بمدينة الصدر ببغداد بحياة 35 مدنيا وجرح 60 آخرين. ولاحقاً أمر القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بإيداع آمر القوة الماسكة للأرض في مدينة الصدر التوقيف عقب التفجير، كما قرر، “فتح تحقيق من قبل قيادة عمليات بغداد لمعرفة ملابسات الحادث.”
وبتاريخ 30 يوليو/تموز 2021 شن تنظيم “داعش” الإرهابي هجوماً على مجلس عزاء بناحية يثرب في محافظة صلاح الدين، أودى بحياة 13 اشخاص واصابة 45 آخرين، حيث شن الهجوم عن طريق مجموعة من القناصة، وبعدها وقعت اشتباكات.
أخبار التظاهرات
بالرغم من الحديث عن انتهاء الاحتجاجات في العراق، فأنها لم تتوقف، بل خف زخمها،حيث أن المدن مازالت تشهد احتجاجات مستمرة بسبب سوء الخدمات والفساد وعدم محاسبة قتلة المتظاهرين.
حملة إنهاء الإفلات من العقاب
بتاريخ 18 يوليو/تموز 2021، انطلقت في العاصمة بغداد وفي 14 عاصمة و مدينة أخرى مسيرات و وقفات احتجاج سلمية متزامنة طالبت بإنهاء الإفلات من العقاب في العراق، بعد فشل الحكومة في تنفيذ وعودها المتكررة في الكشف عن هوية قتلة المتظاهرين السلميين، ومنفذي عمليات الاغتيال التي طالبت صحفيين وناشطي مجتمع مدني بارزين.
تقريران عن العراق تصدرها الأمم المتحدة
بتاريخ 03 أغسطس/آب 2021، أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تقريراً يحمل عنوان، “حقوق الإنسان في تطبيق العدالة في العراق: الشروط القانونية والضمانات الإجرائية لمنع التعذيب وسوء المعاملة،” خلص إلى القول، ” تتكرر مزاعم التعرض للتعذيب والمعاملة السيئة للمعتقلين في أماكن الاحتجاز العراقية في كافة المحافظات فيما يتعلق بالقضايا الإرهابية والجنائية على حد سواء. وقدم نصف الأشخاص البالغ عددهم (235) شخصاً، والذين قابلتهم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق/مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لأغراض إعداد هذا التقرير، روايات موثوقة ويمكن الاعتماد عليها من ممارسات التعذيب المقيتة أو غيرها من ضروب إساءة المعاملة التي تعرضوا لها. وكذلك أكد قضاة ومحامون وأطباء عراقيون، خلال مناقشات خاصة، شيوع تلك الممارسات.” مؤكداً على، “إن الأنماط والاتجاهات واضحة.”
بتاريخ 30 مايو/أيار 2021، أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) تقريرها السادس حول التظاهرات وقد حمل عنوان، “تطورات التظاهرات في العراق: المساءلة بشأن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي ترتكبها عناصر مسلحة مجهولة الهوية،” خلص إلى القول إن، “المعلومات المفصلة في هذا التقرير إلى نقص في المساءلة فيما يتعلق بالجرائم التي ارتُكبت ضد المتظاهرين والمنتقدين من قبل عناصر مسلحة يشار إليها عادة باسم الميليشيات؛ والتي نفذ معظمها هجمات دون الكشف عن الهوية ولم يتم الكشف عن هوية الجناة علناً لحد الآن.”
التوصيات
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة العراقية على:
1- تنفيذ تعهداتها في الحفاظ على الحريات العامة وخاصة حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التجمع السلمي؛
2- إبعاد خطر السلاح المنفلت عن ناشطي حقوق الإنسان وبضمنهم الصحفيين، إضافة إلى المحتجين المسالمين؛
3- إنهاء حالات الإفلات من العقاب لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وخاصة جرائم قتل وخطف وتعذيب المواطنين الأبرياء وبضمنهم مختلف الناشطين؛
4- مساعدة أسر الضحايا الذين سقطوا منذ انطلاق الحراك الشعبي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، من أجل الوصول إلى الحقيقة بشأن قتلة أحبائهم وجبر الضررالبالغ الذي تعرضوا له.