عودة الآيزديين إلى الموصل مؤجلة رغم تحرير قراهم
“نتمنى العودة إلى منطقتنا لكن ليس لدينا ضمانات بعدم تكرار ما حدث ولا نستطيع العيش مع من قاموا بخيانتنا وسبي بناتنا” هذه العبارة كشفت عن مخاوف الرجل الخمسيني اسماعيل رشو الذي ينتمي إلى الطائفة الآيزيدية من العودة الى قرية (زورافا) الواقعة بالقرب من ناحية سنوني التي استعادتها قوات البيشمركة من قبضة مسلحي تنظيم (داعش).
رشو ليس الوحيد الذي ينتابه القلق من العودة فالسيدة أم درمان التي غادرت منزلها في قرية (حردان) الآيزيدية هي الأخرى لا ترغب بالعودة إلى قريتها في الوقت الحاضر “قُتل الكثير من أبناء قريتنا بيد مسلحي داعش، ورغم تحرير قريتنا إلا إنني لا استطيع الذهاب بأطفالي إلى هناك، فمازالت المنطقة غير آمنة بشكل كامل وتوجد الكثير من المفخخات والعبوات التي زرعها تنظيم داعش في المنطقة “.
مصطفى سيدو يرغب بشدة بالعودة إلى دياره في مدينة سنوني، لكنه لا يستطيع “سنوني أصبحت مدينة أشباح، لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات فالمدينة مهجورة من السكان، كما إن هنالك حالات من القتل الفردية التي يقوم بها بعض الأشخاص تحت ستار الثأر” يقول مصطفى بألم.
أما السيدة أم نوفل التي فرّت من (تلسقوف) بالقرب من قضاء تلكيف فلم يبق لديها شيء للعودة اليه وتقول “بيوتنا كلها نُهبت وسُلب منّا كل شيء، ولم نعد نثق بأحد، لقد استهدفوا كل مقدساتنا وحضارتنا ولم يتركوا لنا شيء نعود من أجله”.
خضر دوملي المختص في مجال السلام وحل النزاعات في جامعة دهوك قال إن “عودة النازحين إلى مدنهم وقصباتهم في مناطق زمار وسنوني وربيعة وضواحي تلكيف وشيخان مرهونة باستتباب الأمن والسلام وعودة الخدمات بسرعة اليها.
ودعا دوملي إلى ضرورة أن تعمل الحكومة العراقية على “إصدار قوانين أو تفعيل البنود الخاصة بحقوق الأقليات من أجل كسب ثقتهم من جديد “.
من جهته قال الناشط في مجال حقوق الأقليات نسيم صادق إن عملية عودة هؤلاء النازحين صعبة جداً وهي مرهونة بتقديم ضمانات بعدم تكرار ما حصل خاصة وإن تنظيم “داعش” يستند في أحكامه وسلوكياته على نصوص دينية من القران الكريم.
وأضاف “هناك دور كبير لرجال الدين الإسلامي للوقوف على هذه النصوص وبيان المقاصد الحقيقية منها لأن الناس تخشى العودة إلى ديارها بسبب عدم وجود ضمانات فكرية تقدَّم لهم من قبل رجال الدين”.
وأوضح صادق إن المخاوف الكبيرة التي تنتاب هذه الأقليات هي المخاوف الفكرية أكثر من المخاوف الأمنية لأن هذه الطوائف والأقليات قد تم استهدافها من قبل داعش بسبب انتمائهم الديني فهم بحاجة إلى قوانين تحميهم من الأفكار المتطّرفة.
شيرزاد بيرموسا مدير منظمة “ألند” لدمقرطة الشباب تحدث لـ”نقاش” عن عدد العائلات النازحة والوضع في المناطق المُحررة حيث قال إن المناطق القريبة من جبهات القتال مثل ناحية الشمال (سنوني) وناحية (ربيعة) والقرى التابعة لها لم تشهد عودة الكثير من العائلات ففي سنوني التي كانت تضم (22) ألف عائلة لم تعد سوى ما يقارب (200) عائلة وكذلك الحال مع ناحية ربيعة أما ناحية (زمار) فإن غالبية سكانها عادوا لأنها تبعد عن جبهات القتال مسافة أكثر من 100كلم “.
وبخصوص الواقع الخدمي لهذه المناطق يقول بيرموسا “لا يوجد كهرباء وخطوط الماء مقطوعة والخدمات ضعيفة في مجال الصحة والتربية والبلديات وغيرها من القطاعات”.
ميسر حجي قائمقام قضاء سنجار قال لـ”نقاش” إن قوات البيشمركة تسيطر اليوم على المنطقة تساعدها قوات حماية سنجار الآيزيدية وقوات حماية الشعب التي تتواجد في جبل سنجار حيث زال خطر المتشددين عن المنطقة”.
وبخصوص نقص الخدمات في منطقة زمار وربيعة وسنوني يقول حجي “أوعزنا إلى مجلس محافظة الموصل كي يقوم بدعم هذه المناطق وإيصال الخدمات إليها وطلبنا من مديريات البلديات المباشرة بأعمالها وتنظيف شوارع المدينة لكن المنطقة مازالت قريبة من خط المعارك فمازال مسلحو داعش يسطرون على أجزاء واسعة من قضاء سنجار”.
عسكرياً المنطقة تعيشحالة هدوءنسبي بحسب قول المقدم عزالدين سعدو آمر لواء 12 لقوات البيشمركة التي تتواجد في ربيعة وسنوني الذي أكد وجود مشكلات بين الآيزيديين وبعض القبائل العربية المتواجدة في المنطقة حيث تدخلّت قوات البيشمركة لفض النزاع”.
وقال إن قوات البيشمركة أحكمت سيطرتها على جميع المنافذ الحدودية بين ربيعة وسنوني وأضاف “مازالت هنالك خطورة على حياة المواطنين من العبوات الناسفة والمفخخات ومخلّفات الحرب التي تركها مسلحو داعش وراءهم”.
قوات البشمركة والأطراف المساندة لها حررت أكثر من (4000) كلم من قبضة مسلحي تنظيم داعش في مناطق سنجار وشيخان، لكن سكانها مازالوا يخشون العودة إليها.