كتاب الايزيديون في العراق الذاكرة، الهوية, الابادة الجماعية
حسام سالم – منظمة أون بونتبير
يعتبر كتاب (الايزيديون في العراق) خطوة مهمة لمنظمة (أون بونتبير) الايطالية, و ل(سعد سلوم) لفتح باب التأليف عن الايزيديين بالغات الاجنبية مثل الانكليزية والايطالية من أجل مخاطبة الغرب الذي وقف صامتا امام قتل الايزيديين ولم يحرك ساكن في محاولة انقاذ سنجار التي تعرضت الى مذبحة في2_3, أب, 2014 حيث هجم داعش على بلدة سنجار وقتل وأباد ما يقارب اكثر من 6000 الأف طفل وأمراة ورجل حسب ارقام للأمم المتحدة ومنظمات محلية. وما صاحب الهجمة من صمت دولي وعراقي حيث أكثر من اسبوعين أعطي الامان الى قرية (كوجو) الايزيدية في قضاء سنجار بتاريخ 17,8,2014 وامهلوا أهاليها يوم واحد حسب شهود واخذوا الرجال وعزلوهم عن النساء والاطفال واعدم اكثر من 600 رجل في (كوجو) في اليوم الاول وتم ابادة القرية بأكملها, ولم تشفع المحاولات والنداءات التي اطلقها الناشطين الايزيديون آنذاك لإنقاذ القرية واهلها والتدخل من قبل القوات الوطنية والاجنبية ووقف العالم صامتا ينتظر الابادة الايزيدية لتتكر في القرن الواحد والعشرين في عصر حقوق الانسان والعولمة والتكنلوجية.
ان قراءة الكتاب لا تنفع كثيرا بدون تقديم سلوم نفسه, وفكره, وعمله في المجتمع المدني, ومحاولته لبعث رؤية جديدة لواقع مزقته الطائفية والتمييز وخطاب الكراهية. فسلوم نفسه مشروع ثقافي شجاع يبعث على مناقشة الاخر, ذلك الاخر الذي يسكن بين ظهرانينا منذ الاف السنين ولا زلنا نجهله ولا نعرف شيئا عنه, ويتحول هذا الجهل بين فينة واخرى وخصوصا عندما تضعف الدولة وتتحول الجماعات الكبيرة الى وقود للقتال ولحماية ذاتها مرة وللهيمنة مرة ومن خلال ملشياتها وتنظيماتها, حيث يتحول هذا الجهل الاجتماعي الى فعل للقتل, لقتل المسيحي والايزيدي والمندائي, ورفضه كجسم غريب عن ثقافة المجتمع التي تربى عليها ومثليته التي تعلمها في المدرسة والجامعة والمعبد, فلا يقبل الا ما يشبهه ومن يتكلم لغته, ويفكر بطريقته فيرفض التنوع بكل اشكاله, ويحول فعله السياسي الى قتل واقصاء وصولا الى ابعد مدياته العنيفة الا وهي الابادة الجماعية والتطهير العرقي وتدمير الجماعات الدينية واستهدافها. ان سلوم يمثل مشروع ثقافي للتعددية العراقية, في ظل انقسامات الجماعات الكبرى, ومحاولة للوقوف بوجه الدولة الاحادية او دولة المواطنة الامة ويذهب الى دولة مواطنة التعددية, فالتعددية هي المواطنة الاصيلة حسب طروحاته.
كتاب (الايزيديون, في العراق, الذاكرة, الهوية و الابادة الجماعية) هو محاولة في زمن الابادة, ليبعث الطمأنينية تارة, ويبعث القلق تارة اخرى, بأن واقع الايزيديون لم يكن مختلفا كثيرا في الماضي عن حاضره ولن يكون مختلف كثيرا في المستقبل. يبدأ سلوم في هذا الكتاب بإهدائه الى (سبايا القرن الواحد والعشرين) ذلك الهجوم الذي يقول عنه سلوم انه( نوعا خاص من الهجوم ) وهو تدمير الجماعة من انثويتها التي تشكل أس من أسس الديانة, ويأتي في مقدمة الكتاب (المعجزة الايزيدية) وهو اسطورة جبل سنجار وقمته(ميرا) التي تعني الاربعين رجلا, ولهذه القمة شموخا ايزيديا يوغل بالقدم في مقارعة الهجمات والفرمانات وكما له ذاكرة مع استقبال الايزيديون للأرمن في ابادتهم التي تعرضوا لها في 1915 ولتكون قمة (ميرا) معجزة ايزيدية , وسفر ايزيدي الى القمم دائما, لتشكل ذاكرتهم قصة جبل الصمود والشرف وقصة جماعة لازالت تعيش الابادة بكل ابعادها في المخيمات والشتات.
يقسم سلوم كتابه الى سبعة فصول, متضمنة الاهداء, وكلمة (مارتينا بيناتي مورانو) رئيسة منظمة (أون بونتبير). ففي الفصل الاول يتناول الكتاب: معتقدات الايزيدية والطبقات الدينية وتركيبة المجتمع وكتب الايزيدية والجانب الفلسفي والديني والميثولوجيا الايزيدية وفي الفصل الثاني ينتقل الكتاب الى المدراس التي كتبت عن الايزيدية مثل المدرسة الاستشراقية والعربية التي لا زالت تشكل الراي العام العراقي والعربي لما كان لها من تأثير وأدلجة للايزيديين ومن ثم المدرسة الايزيدية اي الكتاب الايزيديين الذين بدأوا الكتابة عن دينهم من وجهة نظر ايزيدية خالصة واعتمداهم على النص الديني المقدس لردع التشويهات والصور النمطية عن الايزيديين واخيرا مدرسة الجيل الجديد من الباحثين الايزيدين الذين كتبوا عن الايزيدية ودفعوا الديانة باتجاه المدنية والمواطنة وهو الجيل الحالي من الكتاب والناشطين. اما في الفصل الثالث فيتناول الكتاب تيارات الهوية الايزيدية, منها تيار الهوية الكردية والذي يؤمن بانهم اكراد اثنيا وايزيديين دينيا والهوية العربية والتي تؤمن بان الايزيدية عرب اثنيا او هم طائف اسلامية وبالتالي تيار القومية الايزيدية الذي يعتبرهم دين وقومية اثنية في ان واحد ويختلف عن العرب والكرد وكذلك تيار الهوية المدنية الذي يعتبر الايزيدين قضية حقوقية ويطالب بحقوق للايزيديين انطلاقا من الدستور والمواثيق الدولية.
الكتاب محاول علمية غنية من قبل سعد سلوم بالتعريف بشعب الابادة والذي لا يزال يتعرض لا بشع محاولة محو وقتل وتهجير في جميع انحاء العالم واستمرار تهجيرهم لمدة عامان منذ 2014-2016 وقد صدر الكتاب ضمن مشروع خارج الحصار الذي تنفذه منظمة (اون بونتبير) في كردستان العراق لأرشفة وحماية تراث الاقليات وبدعم من (المجلس الاسقفي الايطالي). وبدأت فكرته لما تعرض له الايزيديين من ابادة جماعية لتأليف كتاب عنهم كمساهمة لتعريف المجتمع الدولي عن ثقافة الايزيديين ويعتبر الكتاب الاول الجامع باللغات العربية والايطالية والانكليزية بعد الابادة حتى انه يتناول الابادة الجماعية في فصله الاخير وما تعرضوا له.
في النهاية, الكتاب متوفر في مكاتب (اون بونتبير) في اربيل ودهوك وسليمانية وكما يمكن الحصول عليه من مكتبة مؤسسة مسارات في بغداد وهو متوفير ايضا في المكتبات العراقية والعربية والعالمية. هذا وتم تقديم الكتاب في ندوة رسمية بالتعاون مع جامعة دهوك في اقليم كردستان وبحضور جماهيري واكاديمي ورسمي كبير.