الاحتجاجات العراقية تتضخم رغم الاشتباكات مع أنصار التيار الصدري
الثالث من شهر شباط 2020
بعد سحب دعمه للاحتجاجات ، أمر رجل الدين الشيعي المثير للجدل مقتدى الصدر أنصاره بالعودة إلى ميدان التحرير في الاول من شهر شباط الحالي ، حيث اشتبك أنصاره مع المتظاهرين واستولوا بالقوة على الجزء الرئيسي من ميدان التحرير والمطعم التركي الذي كان تحت سيطرة المتظاهرين.
استقبل المتظاهرون ترشيح محمد توفيق علاوي كرئيس للوزراء العراقي الجديد سلبًا ، والذين يرون تعيينه مؤامرة من جانب الصدر وحلفائه المدعومين من إيران في الحكومة لإنهاء الاحتجاجات في بغداد.
علاوي هو مرشح من قبل تحالف سائرون لمقتدى الصدر وحركة فتح لهادي العامري. يحتاج البرلمان إلى عقد جلسة للتصويت على رئيس الوزراء الجديد.
تتعاون جماعة التيار الصدري الآن مع قوات الأمن لإنهاء الاعتصام في ميدان التحرير.
بدأ الصدام بين الصدر والمتظاهرين في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني ، عندما أمر الصدر أتباعه بمغادرة الاحتجاجات. حيث كان الصدريون يعبئون أمتعتهم وفقًا لامر زعيمهم ويستعدون للمغادرة. ومع ذلك ، فإن الآلاف من العراقيين – وخاصة الطلاب – يواجهون إطلاق النار الحي ويتحدون دعوة رجل الدين القوي للبقاء في منازلهم توافدوا إلى العاصمة وإلى شوارع المدن الأخرى للاستمرار بالاعتصام.
في حين قام أتباع الصدر المخلصون بتعبئة خيامهم في ميدان التحرير – نقطة الاحتجاج الرئيسية في بغداد – نفى المتظاهرون الشائعات بأن الانتفاضة المناهضة للحكومة التي استمرت أربعة أشهر ستنهار على الفور دون دعمه.
وقال كرار أحمد ، أحد المتظاهرين من النجف ، لـ “المونيتور”: “بعد قراره الانسحاب من الاحتجاجات ، يبدو أن شعبية الصدر تتراجع جزئيًا”. وأضاف أحمد أن “المتظاهرين في الساحات رفضوه ، متجاوزين جميع الخطوط الحمراء. من قبل ، كان من المستحيل سماع الهتافات ضده “.
وقال إن المتظاهرين الذين غادروا سرعان ما حل محلهم آخرون.
و اضاف احمد قائلا “انسحابهم لم يؤثر علينا. زاد الزخم بالفعل. وقال أحمد “لقد نصبنا خيامًا جديدة بعد أن أزال الصدريون لهم”.
في أواخر الرابع و العشرين كانون الثاني ، قال الصدر إنه سوف يقف محايدًا وسط الاحتجاجات المستمرة ضد الحكومة. في بيانه ، و أعرب الصدر عن أسفه لأولئك من بين المتظاهرين الذين استجوبوه في بغداد وغيرها من المحافظات. لقد قام بالتغريد ، “لقد كنت مؤيدًا لهم … وفكرت فيهم كمؤيدين لي والعراق. ومع ذلك ، من الآن فصاعدًا سأحاول ألا أتدخل معهم ، سلبًا أو إيجابًا ، حتى يأخذوا في الاعتبار مصير العراق والخطر الوشيك”.
في بغداد ، يرى الصحافي والمتظاهر ساهر البربوتي نتائج إيجابية لانسحاب الصدريين.
“[في كانون الاول] ، بدأ المحتجون المستقلون في الانسحاب تدريجياً من الميدان لأن أتباع الصدر حاولوا السيطرة على الاحتجاجات … حاولوا إسكات الأصوات الأخرى وفرض رأيهم. لقد أدى الانسحاب الأخير إلى عودة الأشخاص المستقلين بقوة. قال ساهر
ومع ذلك ، يقول المراقبون إن الانسحاب أدى إلى حملة سريعة حيث داهمت شرطة مكافحة الشغب الاعتصامات في بغداد وأشعلت النار في الخيام في المدن الجنوبية في الخامس و العشرين من شهر كانون الثاني ، مما أسفر عن مقتل 10 على الأقل.
وقال منة الله العبيدي ، خريجة الجامعة الأميركية في العراق في السليمانية ،و حاصلة على درجة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من مدرسة والش بجامعة جورج تاون ، “كان لقرار الصدر سحب دعمه تأثير فوري على الاحتجاجات السلمية”. “بعد فترة وجيزة ، كانت هناك تقارير إخبارية عن إشعال النار في الخيام في البصرة والناصرية”.
وقالت العبيدي إن المحتجين العازمين بدأوا في استبدال الخيام المحروقة بمساكن خرسانية في الناصرية. وقالت للمونيتور: “المحتجون مستمرون رغم انسحاب الصدر”. و اضافت “يقول البعض إن الصدريين لم يعدوا مجموعة متجانسة ، ويتأثرون في الغالب باستقطاب المجتمع العراقي الشيعي”.
يرى آخرون أن هذا أمل جديد للاحتجاجات ، التي انخفض زخمها في البداية بعد غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار أسفرت عن مقتل اللواء قاسم سليماني في الثالث من كانون الثاني في مطار بغداد.
وقال سلام عبد الحسين ، وهو مهندس بترول من الديوانية: “كل من يرفضون التيار الصدري والأحزاب الإسلامية يشعرون بالرضا الآن ، لأن الاعتصامات أصبحت الآن عراقية بحتة بدون ولاء أجنبي”. وأضاف: “نرفض الهيمنة الإيرانية وندعو المجتمع الدولي لحمايتنا من اضطهاد الميليشيات. لقد أصبح جميع العراقيين ، وخاصة جيل الشباب ، على دراية بأهداف إيران والصدر المتبادلة لإنهاء هذه الاحتجاجات بأي وسيلة “.
جاء قرار الصدر بعد يوم من احتشاد عشرات الآلاف من أنصاره في حي الجادرية ببغداد في الرابع و العشرين من كانون الثاني ، مطالبين بطرد القوات الأمريكية من العراق. استمرت المسيرة بضع ساعات وجاءت ردا على مقتل سليماني ورئيس وحدة الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس.
“كان الصدر يختبر مؤيديه بشكل متكرر ، ويطلب منهم الخروج للاحتجاج على الحكومة والفساد – على الرغم من أنه قاد أكبر كتلة في البرلمان. قال خير الدين مخزومي ، المحلل العراقي الأمريكي المقيم في واشنطن ، وخريج مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون: “لقد سئم الناس من هذا”. وأضاف: “سيخسر أقلية عادلة من مؤيديه الأساسيين. كما دعا إلى إبعاد القوات الأمريكية من العراق ، رغم أننا نعلم جميعًا أن جميع القواعد عراقية. “
علي بشار ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة البيان في أربيل ، يعتقد أن انسحاب الصدر من الاحتجاجات قد يكون مؤقتًا.
قال بشار للمونيتور “قد يغير رأيه ويدعو أتباعه للانضمام إلى الاحتجاجات في أي لحظة” ، مضيفًا “ينتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فجأة. لا توجد طريقة للتنبؤ بقراراته “.
وبحسب ما ورد ساعد أنصار الصدر في حماية المتظاهرين من هجمات قوات الأمن ، وترك انسحابهم قلقًا كثيرًا بشأن مصير الاحتجاجات.
وقال باربوتي ، الذي بدأ حضور الاحتجاجات في الأول من تشرين الاول: “كان أتباعه ، أي كتائب السلام ، يحمون مداخل ومخارج ميدان التحرير.” وأضاف: “انسحابهم ترك الساحة عرضة للهجمات وبدأت الميليشيات تداهمنا يوميًا ، بالإضافة إلى ذلك. لهجمات قوات الشغب. ومع ذلك ، فقد ساعد شبابنا الشجعان في صد الهجمات “.
يشتبه العبيدي في دوافع الصدر. “إذا كان حقًا [يحاول حماية المتظاهرين] ، فمن المؤكد أنه لم يقم بعمل رائع في ذلك. لقد قتل أكثر من 600 شخص حتى الآن ، والأرقام تستمر في الارتفاع “
أحمد يتفق مع العبيدي. يقول الجميع إنه كان يحمينا. لقد كان يحمي اهتماماته وشعبيته “، كما فعل من قبل. وأضاف أحمد ، “لقد أراد أن يكون زعيم [الاحتجاج] على الرغم من رفضنا. ثم أمر أتباعه بالانسحاب “.
كما اتهم أحمد الصدريين بتهديد بعض المحتجين.
قال: “كانت هناك تهديدات لا حصر لها ضد أي شخص قد ينطق بكلمة ضد [الصدر]. ذات مرة ، هتفت به في مسيرة حتى تشاجر الصدري معي و اسكتني “.
كما يعتقد العبيدي أن بعض الصدريين لم يعودوا يدعمونه. وقالت: “انضم كثير منهم إلى الاحتجاجات في وقت مبكر وتأثروا بالمشاعر القومية والأفكار التقدمية للمتظاهرين الليبراليين”. وقال العبيدي: “يستخدم الصدر أيضًا معايير مزدوجة ليصبح محايدًا ، لكن أفعاله تثبت أنه يقف إلى جانب المؤيدين لإيران ، كما يتهم بعض المؤثرين والاعلاميين مثل الممثل الكوميدي [أحمد] البشير ، بانهم اتباع الجوكر” ، ويقول إنهم يدعمون جدول الأعمال الأمريكي.
يخشى بشار أن بعض الفصائل الفاسدة في الحكومة قد تجذب المحتجين إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.
إذا نظرت الجماعات الفاسدة إلى الاحتجاجات باعتبارها تهديدًا كبيرًا لمصالحها ، فقد تبذل قصارى جهدها لتحويلها إلى عنف. الحكومة محرجة بسبب هدوء المتظاهرين. هناك ثلاثة أحزاب تمنع استخدام الوحشية ضد [المحتجين]: السلطات الدينية الشيعية في النجف والقبائل والصدر “.
يبدو أن عبد الحسين مصمم على مواصلة الاحتجاجات لتحقيق مكاسب طويلة الأجل. وقال: “هناك تصعيد قوي قادم ، يرافقه قمع من قبل السلطات الحكومية والميليشيات. سنلبي العديد من مطالبنا التي ستغير واقع المواطنين العراقيين للأفضل”.
