هل يؤثر تهديد مليشيات حليفة لإيران لدول خليجية على جهود حكومة الكاظمي الخارجية؟
بعد أيام على تبني منصات إعلامية تابعة لفصائل عراقية مسلحة مرتبطة بإيران بياناً أصدرته مليشيا أطلقت على نفسها اسم “ألوية الوعد الصادق”، وأعلنت فيه مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف العاصمة السعودية الرياض، السبت الماضي، وتهديدها كذلك باستهداف الإمارات، عادت المليشيا لتنشر صورا افتراضية للهجوم الذي هددت بشنه على دبي من خلال منصات عدة على تطبيق “تلغرام”، الذي انتقلت إليه بعد حملة لمنصتي “تويتر” و”فيسبوك” لإغلاق حسابات الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران.
وعلى الرغم من خطورة هذه التهديدات، لم يصدر من الحكومة العراقية أي موقف حيال مدى حقيقة تورط مليشيات عراقية باستهداف أو تهديد دول مجاورة وإقليمية، لكن مصادر سياسية تحدثت لـ”العربي الجديد” عن معلومات بشأن توسيع التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم “داعش” الإرهابي رصده الجوي في المناطق الحدودية العراقية الجنوبية والجنوبية الغربية المرتبطة بالسعودية لرصد أي أنشطة مشبوهة عقب تلك التهديدات.
وقال مصدر سياسي مقرب من رئيس الحكومة لـ”العربي الجديد”، واشترط عدم ذكر اسمه، إن “واشنطن باعتبارها صاحبة النشاط العسكري والجوي الأبرز في العراق لم تبلغ الحكومة لغاية الآن بشأن أي تحركات فصائلية مشبوهة على الحدود العراقية السعودية”.
وأثارت التهديدات والصمت الحكومي الذي رافقها، مخاوف برلمانيين وسياسيين من احتمال تأثير مثل هذه الأنشطة حتى وإن كانت “دعائية” أو “تخويفية” على علاقات العراق الخارجية، وخصوصا بمحيطه العربي.
واعتبر عضو “التحالف الكردستاني العراقي” ماجد شنكالي أن “مثل هذه التهديدات يمكن أن تتسبب بمشاكل للحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي“، مبينا أنها “تمثل سابقة في ظل عدم وجود قدرة لدى بغداد للسيطرة على الفصائل المسلحة التي تهدد الدول الأخرى، وقد يؤدي ذلك إلى كثير من الأمور السلبية على الحكومة”.
وأكد في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “أي تهديد يصدر من فصائل عراقية مسلحة تجاه أي دولة سواء كانت عربية أم غير ذلك لا يصب في مصلحة البلاد”، محذراً من أن ذلك يؤثر على جهود الحكومة العراقية للعودة إلى موقعها العربي، وبناء علاقات متوازنة مع الدول الإقليمية.
وفيما لفت إلى أن الفصائل المسلحة تنتهك سيادة العراق، وتسبب للبلاد الكثير من الإحراج على الصعيد الدولي، أوضح أنه “إذا ثبتت مثل هذه التهديدات على أرض الواقع فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى خسارة الحكومة لعلاقاتها مع بعض الدول”.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن “أغلب الدول، ومنها السعودية والإمارات، لا تبني علاقاتها مع العراق بناء على مواقف بعض الفصائل المعروفة بمواقفها الولائية الداعمة لإيران”.
من جهته، أوضح عضو البرلمان العراقي كاظم الشمري أن هذه الإعلانات والأنشطة “تعرض بغداد لحرج كبير، كما أنها قد تعرض العلاقات الخارجية للتوتر”، مضيفا في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الفصائل المسلحة هي جزء من الحشد الشعبي، والحشد مؤسسة حكومية تابعة للقائد العام للقوات المسلحة (الكاظمي)، ويجب أن تكون المواقف في اتخاذ القرارات تبعا لهذا التسلسل الهرمي”.
وأكد عضو سابق في لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان لـ”العربي الجديد”، شريطة عدم ذكر اسمه، أن “حكومة الكاظمي مطالبة بموقف صارم تجاه المليشيات المنفلتة التي يمكن أن توقع العراق في مشاكل، سواء كانت عمليات الاستهداف التي تتحدث عنها حقيقية، أو مجرد أحاديث إعلامية”، منتقدا “العجز الواضح للحكومة عن كبح جماح المليشيات التي تجاوز خطرها الحدود، وبدأت تهدد وبشكل واضح لا يقبل الشك علاقات العراق بمحيطه العربي، بهدف إجهاض محاولات الحكومة تحسين علاقات بغداد مع الدول العربية”.
وتبنت منصات إعلامية تابعة لفصائل عراقية مسلحة مرتبطة بإيران، في وقت سابق، بياناً أصدرته مليشيا أطلقت على نفسها اسم “ألوية الوعد الصادق”، وأعلنت فيه مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف العاصمة السعودية الرياض، مؤكدة أنه حصل من خلال طائرات مسيَّرة انطلقت من داخل الأراضي العراقية.
ووفقاً لقناة “صابرين نيوز”، على منصة “تلغرام”، وهي الذراع الإعلامية لمليشيا “كتائب حزب الله” العراقية، التي تتخصص بالإعلان عن هجمات الكاتيوشا والعبوات الناسفة التي تستهدف المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي وأرتال التحالف الدولي بقيادة واشنطن، فإن الهجوم على الرياض انطلق “من الأراضي العراقية بواسطة طائرات FIX wing droneمن نوع kamikaze، وبأيادٍ عراقية”، متحدثة عمّا سمته “قاعدة توازن الردع الدولي”.
ونقلت القناة نفسها بياناً لمليشيا “ألوية الوعد الصادق”، بأنهم “أوفوا بوعدهم”، وأيضاً “أرسلوا طائرات الرعب المسيَّرة إلى قصر اليمامة”، فيما حمل البيان تهديداً أيضاً باستهداف الإمارات. كما نشرت وسائل إعلام تقارير تشير إلى قيام المليشيا ذاتها بنشر صور افتراضية لاستهداف برج خليفة في دبي، لكن لم يتم التثبت من أي من تلك المزاعم لغاية الآن.
وعام 2019، تحدثت تقارير صحافية أميركية عن وقوف مليشيات عراقية وراء هجوم تعرضت له منشآت “أرامكو” النفطية السعودية من خلال طائرات مسيرة أقلعت من الأراضي العراقية، وهو ما نفته الحكومة العراقية السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، موضحة أنها ستتعامل بحزم مع كل من ينتهك الدستور، وشكلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات.